•  

    يقول تعالى:  "وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " (الأنفال:10 ). 

     

     

    تحقق النصر يوم بدر بفضل من الله والنصر لا يكون إلا من عند الله، فالنصر يكون عن طريق الله عزّ و جل ، وهو لا ينزل إلا على عباد الله المؤمنين، فالنصر ربما يأتي من حيث لا يتوقع المسلمون، وأحيانًا يأتي النصر من حيث يكره المسلمون، وقد يأتي النصر بطريقة تثبت أن النصر من عند الله عزّ و جل ، وفلسفة النصر في الإسلام تؤكد أنه من عند الله

     

    فما هي جنود الرحمن التي شاركت في تحقيق النصر؟

    الملائكة

    ويقول تعالى عن يوم بدر:" إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ" (الأنفال: 9)

    يقول تعالى في سورة آل عمران يصف موقعة بدر:  "إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ آَلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُسَوِّمِينَ" ( آل عمران: 124، 125).

    و ذكرعن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، ابن عم الرسول صلى الله عليه و سلم عند عودته من بدر، فأول من رآه أبو لهب -وهو لم يخرج في غزوة بدر- فقال أبو لهب لأبي سفيان: "هلم إليَّ؛ فعندك لعمري الخبر".  فجلس إليه والناس قيام عليهما، فقال أبو سفيان: "ما هو إلا أن لقينا القوم فمنحناهم أكتافنا، يقتلوننا كيف شاءوا، ويأسروننا كيف شاءوا". ثم يقول كلمة عجيبة: "وايم الله مع ذلك ما لُمْتُ الناس، لقِيَنَا رجالاً بيضًا على خيل بَلْق (أي بيضاء) بين السماء والأرض، والله ما تُليق شيئًا (أي: ما تترك أمامها شيئًا)، ولا يقوم لها شيء.

    الرعب

    قال تعالى عن جيش المشركين في يوم بدر في سورة الأنفال:  "سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ" -  الأنفال: 12.

    فقد كان جيش الكافرين ثلاثة أضعاف المسلمين يوم بدر، ولكن الله عزّ و جل ألقى الرعب في قلوب الكافرين . كان الرعب أحد جنود الرحمن في يوم بدر، وكان الرعب سببًا من أسباب النصر؛ روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "نُصِرْتُ بِالرُّعَبِ مَسِيرَةَ شَهْر"

    فقبْل أن يصل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى العدوِّ بمسيرة شهر يدخل في قلوبهم الرعب، فالرعب يدخل في قلوب كل الناس، ولكن العجيب أن يدخل في قلب القويّ فيخاف من الضعيف، وأن يدخل الرعب في قلب الكثير فيخاف من القليل، أو يدخل الرعب في قلب المدجج بالسلاح فيخاف من الأعزل.

    الطمأنينة

    فكما أنزل الله الرعب في قلوب الكافرين، أنزل الطمأنينة في قلوب المؤمنين. الطمأنينة والأمان الذي يصل إلى حدِّ النعاس في قلوب المؤمنين، والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء،

    يقول تعالى:  "إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ" -  الأنفال: 11.

    المطر

    فالمطر كان رحمةً بالنسبة للمسلمين، وبالاً على الكافرين. سبحان الله!

    المطر هو أحد جنود الرحمن في يوم بدر، فقد أنزل الله المطر على المؤمنين هيّنًا لطيفًا على منطقة، وأنزله وابلاً شديدًا في صورة سيل في منطقة أخرى، حتى يتطهر المسلمون، وتدخل الطمأنينة في قلوبهم، فأطفأ الله بالمطر الغبار، وتلبدت به الأرض، وطابت نفوسهم، وثُبِّتت به أقدامهم؛  يقول تعالى:  "وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ"  الأنفال: 11.


    votre commentaire