• كتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إلى قاضي الكوفة أبي موسى الأشعري رسالةً في القضاء، قال فيها:

    بسم الله الرحمن الرحيم..

    أما بعد:

    فإن القضاء فريضةٌ محكمةٌ، وسنَّةٌ متبعةٌ، فافهم إذا أُدلي إليك، فإنه لا ينفع تَكَلُّمٌ بحقٍّ لا نفاذَ له.

     آسِ بين الناس في مجلسك ووجهك؛ حتى لا يطمع شريف في حَيفك، ولا يخاف ضعيف من جَورك. والبيِّنة على من ادَّعى، واليمين على من أنكر.. و الصلح جائزٌ بين المسلمين، إلا صُلحًا حرَّم حلالاً أو أحلَّ حَرامًا.

    ولا يمنعك قضاءٌ قضيتَه بالأمس فراجعتَ فيه نفسَك وهُديت فيه لرشدك أن ترجع عنه؛ فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل.

    الفهمَ .. الفهمَ عندما يتلجلج في صدرك، مما لم يبلُغْك في كتاب الله ولا سنة النبي-صلى الله عليه وسلم اعرِف الأمثال والأشباه، وقِسْ الأمور عند ذلك، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى، واجعل للمدعي حقًا غائبًا أو بينةً أمدًا ينتهي إليه، فإن أحضر بينته أخذت له بحقه، وإلا وجهت عليه القضاء، فإن ذلك أنفى للشك، وأجلى للعمى، وأبلغ في العذر.

    المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلودًا في حدٍّ أو مجربًا عليه شهادة زور، أو ظنينًا في ولاء أو قرابة، فإن الله قد تولى منكم السرائر ودرأَ عنكم بالشبهات، ثم إياك والقلقَ والضجرَ والتأذيَ بالناس والتنكرَ للخصوم في مواطن الحق التي يوجب الله بها الأجر، ويحسن بها الذخر، فإنه من يُخلص نيته فيما بينه وبين الله تبارك وتعالى- ولو على نفسه- يكفه الله ما بينه وبين الناس، ومن تزيَّن للناس بما يعلم الله خلافَه منه هتكَ الله ستره، وأبدى فعله


    votre commentaire


    Suivre le flux RSS des articles de cette rubrique
    Suivre le flux RSS des commentaires de cette rubrique