-
Par msf65 le 26 Décembre 2011 à 22:10
تعريف
الواحة:
واحة الحامة من أكبر واحات الجنوب الشرقي للبلاد التونسية، وهي واحة قديمة، متجددة، تتكون من مجموعة من الواحات الصغيرة الملاصقة للقرى القريبة من بعضها والتي تشكل مدينة الحامة وضواحيها والقرى المجاورة لها، حيث نجد: واحة القصر، واحة الدبدابة، واحة الصمباط، واحة بوعطوش، واحة بشيمة، واحة المزارع، واحة سيدي عبد النور، واحة العفسة، واحة الخبايات، واحة بنغيلوف، واحة قليب الدخان...
ويضاف إلى هذه الواحات مجموعة كبيرة من السواني (جمع سانية) وهي تقع في المناطق المرتفعة بالحامة ولا تشملها الدورات المائية.
المشاكل التي تواجهها الواحة:
سنركّز على أبرز المشاكل التي يعاني منها الفلاح الحامي وتعاني منها الواحة، وهذه المشاكل تعرقل مسيرة التنمية المحلية التي تشهدها جهة الحامة في مختلف المجالات، ويمكن حصرها في ما يلي :
1- إرتفاع تسعيرة ماء الريّ.
2- شيخوخة النخيل وتراجع إنتاج التمور.
3- سرقة الإنتاج الزراعي والحيواني.
4- تلوث البيئة.
5- المستنقعات والحشرات.
6- إلقاء الفضلات المنزلية بالواحة.
7- وجود أوكار للسكر والفساد.
8- إهمال البساتين من طرف أصحابها.
إن هذه المشاكل مجتمعة، نجدها في واحة الحامة وهذا ما شاهدناه في عدة أماكن ولعل الصور المرافقة لهذا المقال تثبت بعضها ونحن نؤكد بأن هذه الأمثلة موجودة في عشرات المواقع من واحة الحامة، وهذا يستدعي تدخل جميع الأطراف في الدولة، من أجهزة تنفيذية ومنظمات وطنية وجمعيات وباقي مؤسسات المجتمع المدني وأهل الخير في هذا البلد الطيّب.
الحــلـــول:
لمعالجة هذه المشاكل نحن نقترح بعض الحلول والرؤى المستقبلية وهي كما يلي :
- أولا: نقترح أن تكون تسعيرة الماء محددة بـ: دينار واحد لساعة الريّ، حيث يدفع الفلاح هذه القيمة بشكل مسبق في دورة مائية لا تتجاوز 20 يوما في الأشهر الباردة و 15 يوما في الأشهر الحارة. وهذا يتطلب الزيادة في قوة ضخّ المياه، وحفر آبار عميقة جديدة واستغلال المياه الجوفية لأغراض فلاحية و معاشية. وهذا المقترح له مبرراته الاقتصادية وهي:
ضعف الإنتاج الزراعي لواحة الحامة وخاصة الواحات القديمة.
ثبات تسعيرة علف الفصّة حيث يبيعها الفلاح بـ: 80 مليم إلى 100 مليم للربطة الواحدة، وهذه التسعيرة مستقرة منذ أكثر من 25 سنة.
ارتفاع أسعار الأسمدة الطبيعية والكيميائية والبذور...
ارتفاع أسعار الآلات الفلاحية.
تراجع أسعار التمور حيث تتراوح بين 100 مليم إلى 400 مليم للكيلوغرام الواحد وذلك حسب نوعية التمر وجودته، إضافة إلى تراجع إنتاج النخلة من التمر نظرا لتعرضها للسرقة لعدة مرّات في السنة الواحدة.
ونحن إذ نقترح دينارا واحدا لساعة الريّ، نعلم أن هذه التسعيرة قد لا تغطّي تكاليف وأتعاب الجمعيات المائية وأجور القائمين عليها، وبالتالي تتكفل الدولة بالباقي وذلك بتخصيص منح تسيير للقائمين على الجمعيات المائية، بما يوفر لهم دخلا محترما يشجعهم على القيام بهذا الدور النبيل على أحسن وجه، كما يمكن مدّهم ببعض الآليات والوسائل والأزياء الخاصة والواقية وذلك لحمايتهم من أشعة الشمس وبرودة الطقس.
- ثانيا: نقترح تأسيس جمعيات صيانة الواحة على حسب عدد الواحات بجهة الحامة، وكذلك المناطق السقوية بالجهة، وينخرط في هذه الجمعيات جميع الفلاحين، ويتركز نشاطها خاصة على المسائل التالية :
المحافظة على البساتين والغطاء النباتي والتنوّع البيولوجي بالواحة.
تهذيب البساتين وصيانتها.
المحافظة على أنواع التمور وغراسة بعض أنواع النخيل التي اختفت والتي تكاد تنقرض.
نشر الثقافة الفلاحية بطريقة مبسّطة.
عقد اجتماعات دورية بالفلاحين المنخرطين لمعالجة المشاكل الطارئة.
تنظيم حملات نظافة وتشجير يشارك فيها شباب كلّ منطقة.
- ثالثا: لمعالجة مشكل شيخوخة النخيل التي أصابت عددا كبيرا من الأشجار يجب مواصلة برنامج تخفيف الواحة بصورة علمية ومساعدة الفلاح في هذا التخفيف ببعض المنح وتعويض هذا النخيل بأشجار صغيرة وأنواع جديدة من الأشجار المثمرة.
- رابعا: يتعرض الإنتاج الزراعي والحيواني بواحات الحامة للسرقة وتتمثل في سرقة سعف النخيل (ما يعرف بالقلوب) وذلك بطريقة وحشيّة لا تترك للنخلة المجال للنمو السليم كما تتعرّض بساتين الحامة إلى سرقة المواشي و كذلك المعدّات الفلاحية الخفيفة وهذه المشاكل تزيد من توتّر الفلاح وشعوره باليأس والغضب الأمر الذي جعل كثيرا من الفلاحين يهجرون غاباتهم وبساتينهم وهذا الأمر يتطلب وقفة حازمة من طرف الجميع.
- خامسا: يوجد بواحات الحامة العديد من أوكار السكر والفساد، حيث تستقطب الشباب العاطل عن العمل وبعض العناصر اليائسة من الحياة، ومع الأسف فإن هؤلاء يؤثرون على فئات من الأطفال دون سن 18 سنة من المنقطعين عن الدراسة وفاقدي السند العائلي، ويدفعونهم لارتكاب أعمال غير قانونية. وهذا الأمر يستدعي تدخل جميع الأطراف : الجهات المسؤولة، الجهات الأمنية، الأولياء، الفلاحين... يجب وضع حدّ لهذا الوضع البائس.
- سادسا: تعاني جهة الحامة باعتبارها جزءا ملاصقا للشريط الساحلي لخليج قابس من التلوث البيئي الكيميائي الناتج عن الدخان والغازات المنبعثة من المركبات الصناعية بالخليج. كما تعاني الحامة من التصحّر من جهاتها الأربع حيث أصبحت كثبان الرمال تحيط بواحات الحامة وذلك على مسافات قصيرة ومتفاوتة. إضافة إلى كل هذا نجد استنزاف المائدة المائية واستغلال المياه الساخنة لأغراض صناعية.
إن الوضع البيئي بالحامة يحتاج إلى مراجعة علميّة شاملة تراعي صحّة الإنسان ومستقبل الأجيال القادمة. فالبيئة السليمة أصبحت اليوم حقا جوهريا من حقوق الإنسان وهذا يتطلب تدخّلا عاجلا من كل أجهزة الدولة و هذا واجب متأكّد على القيادة الحكيمة لهذا البلد الطيّب ممثلة في رئيس الجمهورية الذي سيقع انتخابه مستقبلا ، و أعضاء الحكومة الأفاضل و بدفع من الرأي العام الوطني التونسي .
ونحن نقترح على سلط الإشراف القيام بالإجراءات الاستعجالية والاستراتيجية المستقبلية التالية :
أ- إلزام شركات المجمع الكيميائي بدفع مساعدات مالية سنوية للفلاحين المباشرين يقدرها الخبراء حسب الأضرار الناتجة عن التلوث البيئي.
ب- الترفيع من نصيب واحات الحامة من المياه المتنقلة من الحامة نحو المركّبات الصناعية بالخليج.
ج- حفر آبار عميقة جديدة واستغلال مياهها لأغراض فلاحية وإنشاء مناطق سقوية جديدة وتوسيع دائرة المناطق السقوية المستغلة حاليا وذلك في إطار برنامج مستقبلي يحقق التنمية الفلاحية بالحامة وذلك بغراسة مليون نخلة جديدة ومليون زيتونة ومليون من الأشجار المثمرة أو أكثر.
د- نقترح القيام بغراسة أحزمة من الأشجار الغابية (كالكلبتوس، السرول والطلح...) تحيط بالتجمعات السكانية مهما كان موقعها وذلك انطلاقا من مدينة الحامة وضواحيها وصولا إلى هضبة المنصف شرقا والسقي غربا والطريق الأحمر شمالا وسلسلة جبال مطماطة جنوبا. كما نقترح تشجير جانبي الطرقات الرئيسية والفرعية واستكمال تشجير جانبي الطريق الوطنية رقم 16.
إضافة إلى ذلك يمكن تشجير الشريط الترابي الملاصق لسبخة الحامة وصولا إلى شط الفجيج.
هـ- نقترح إقامة محميات طبيعية بجهة الحامة وذلك في المواقع التالية :
هضبة الراقوبة : في المدخل الشرقي للحامة.
جبل عزايزة - خشم الربيب- بالحامة الجنوبية.
جبل العيدودي بالحامة الشمالية.
- سابعا: يعاني الفلاح في جهة الحامة من إلقاء الفضلات المنزلية في أطراف البساتين والمسالك المؤدية إليها وهذا ما نشاهده في كل واحات الحامة وتزداد هذه الأوساخ والفضلات خاصة بالأحياء الفوضويّة الملاصقة للواحات وبالأودية المحاذية لها. كما يعمد البعض من أصحاب المصانع التحويلية الخفيفة بجهة قابس إلى إلقاء فضلاتهم الصناعية بأودية الحامة وسباخها، وهذا ما نشاهده يتكرّر باستمرار.
إنّ هذه الأعمال غير متحضّرة وغير مسؤولة ويجب على الجهات المسؤولة تتبّع أصحابها ومحاسبتهم. فمع وجود وحدة لرسكلة الفضلات المنزلية بالحامة، تصبح هذه الأعمال عبثا بيئيا وجهلا مكشوفا.
ولمواجهة هذه التحديات يجب على جميع الأطراف من المسؤولين والمؤسسات التربوية والجمعيات تكثيف حملات التوعية والتثقيف البيئي والصحي لأن صحة الإنسان وسلامة البيئة هما الأساس المتين للتنمية في مختلف المجالات.
- ثامنا: تعاني واحات الحامة إثر نزول الأمطار من وجود عدة مستنقعات (خاصة في المسالك الترابية) وتصبح هذه الأخيرة مصدرا للحشرات وهي تعرقل حركة تنقل الفلاحين لذلك يجب التفكير في إمكانية توسيع هذه المسالك وتعبيد بعضها.
إضافة إلى ذلك يوجد بالواحات عدة "نزّيات" أصبحت مصدر قلق لأنها غير نظيفة ومليئة بالفضلات المنزلية والحيوانية - والنزّيات هي السواقي المنخفضة التي يتسرّب إليها ماء الري ّ، وتوجد بجوار البساتين على طول الواحات وعرضها.
كما تتكون بأودية الحامة عدة مستنقعات، وبما أنّ هذه الأودية أصبحت مصبّا للفضلات المنزلية والصناعية، فإن وضعها بعد نزول الأمطار يصبح تعيسا جدا، فمثلا واد الحامة الذي يتكون من عدة أودية صغيرة تنطلق من سلسلة جبال مطماطة وهو يصب في شط الفجيج يجب تعهده باستمرار بالتنظيف، كما يمكن إقامة جسر كبير عليه لتسهيل حركة النقل على الطريق الوطنية رقم 16.
كذلك واد البلدة القديمة (أو واد التكوري) في المدخل الشرقي للحامة، هو في وضع سيء للغاية، ويمكن تنظيفه وإقامة عدة جسور عليه تربط منطقة القصر بالمدخل الشرقي وفي ذلك تسهيل لحركة المواطنين وتفعيل للحركة العمرانية التي تشهدها مدينة الحامة
- تاسعا: نلاحظ في واحات الحامة وخاصة الواحات القديمة إهمالا واضحا لعدد كبير من البساتين، وقد أصبحت هذه الباساتين المهملة مصدر قلق وإزعاج للفلاحين، وفي بعض الأحيان مصدر خطر لما تحتويه من حشرات سامة، فهذه البساتين هجرها أصحابها، والبعض منهم هاجر من الحامة نهائيا واستقر بتونس العاصمة أو بإحدى المدن الساحلية. والبعض الآخر لا يمارس الأنشطة الفلاحية لأنها في نظره غير مربحة. وكثير من الشباب لا يرى في هذه الأنشطة أي منفعة، بحجّة أن الإنتاج الزراعي والحيواني يتعرّض للسرقة باستمرار، ولكن هذه الآراء حججها ضعيفة وهي لا تنظر إلى المستقبل، لأن وضع الواحات متأزم ويواجه عدّة مشاكل، هذا صحيح، ولكن الإنسان خلق لمواجهة الصعوبات والتحديات. وحسب رأينا، ما يحتجّ به بعض الشباب ضعيف جدا، لأن ما نشاهده من تجارب ناجحة عند شبان آخرين في نفس الواحات خير دليل على ما نقول.
إنّ الأنشطة الفلاحية يجب أن تكون متنوعة ومتكاملة، والدولة التونسية تدعم الفلاح بالهبات والقروض. كما أن الثروة الحيوانية بالحامة يجب تنميتها وتطويرها، وحمايتها من السرقة. ونحن نتمنى أن يعود قطيع الإبل والخيول العربية الأصيلة والأبقار... مثلما كان في الماضي، فهذه ثروة حقيقية ونعمة من نعم الله على الإنسان ويجب المحافظة عليها.
كما نتوجه بالنداء إلى مالكي البساتين المهملة بضرورة الاهتمام بأملاكهم، وإذا ما تعذ ّر عليهم ذلك فمن الأفضل بيعها إلى جيرانهم، إنّ هذه البساتين التعيسة والغابات المهملة أصبحت مصدر قلق للفلاحين ويجب وضع حلّ لها. أما البساتين التي دمّرت تماما فمن الأفضل مسحها وإزالة مظاهر الخراب بها حيث تبقى أرضا بيضاء على ملكيّة أصحابها إلى أن يستيقظ ضمير الإنسان.
وأخيرا نحن نعرض هذه المشاكل ونقترح بعض الحلول المستقبلية، غايتنا من ذلك الإصلاح، والطموح إلى ما هو أفضل، وعلى الجميع، مواطنين ومسؤولين أن يتحركوا بشكل عملي وسريع لوضع جهة الحامة على الطريق الصحيح، طريق التنمية الحقيقية والبناء، طريق الخير والصلاح، وهذه سنّة الحياة، فليس هناك حال يدوم وليس هناك مستحيل، فبالعمل والجهد والاجتهاد المتواصل يتغيّر كل شيء، يد تكتب ويد تبني، يد تعمل ويد تحمل السلاح دفاعا عن هذا الوطن الغالي الذي يتساوى فيه جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، وكل شيء يهون من أجل الإنسان والوطن.
وهذه الحامة العزيزة، جنة الخير وعين الشفاء أعطت لوطنها الكثير وبدون حساب، وأبناؤها اليوم ينظرون إلى المستقبل نظرة متفائلة ومستبشرة وهم أهل للعمل والنشاط. والله يوفقنا جميعا إلى ما فيه خير الوطن والمواطنين. والله وليّ التوفيق.منقول
votre commentaire
Suivre le flux RSS des articles de cette rubrique
Suivre le flux RSS des commentaires de cette rubrique