فى جميع الآيات القرآنية التي تحدثت عن السمع والبصر يقدم الله تعالى السمع على البصر ... إلا آية 12 من سورة السجدة قدم فيها البصر عن السمع حيث يصور مشاهد يوم القيامة (( ربنا أبصرنا وسمعنا ))  

فالمولود يتعلم بواسطة السمع أضعاف ما يتعلمه بواسطة البصر، والأصم منذ ولادته لا يستطيع أن يتعلم اللغة أبدا فهو أبكم.. بينما المولود بدون نعمة البصر يستطيع أن يتعلم اللغة بل كل اللغات وبيسر.

يوجد مئات العباقرة من فاقدي البصر ولهذا جاء قوله تعالى في الآية الكريمة   "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون" 

فقدم الله تعالى ذكر السمع على البصر في معرض سياق الطرق الأساسية التي بها يكتسب الإنسان المعرفة.

يقول الشيخ متولي الشعراوي في حكمة تقديم السمع على البصر: ( إن الإنسان حين يفقد بصره يفقد كل شيء، يعيش في ظلام دائم لا يرى شيئا على وجه الإطلاق،  ويصطدم بكل شيء، ولكن حين يفقد سمعه فانه يرى، وحينئذ تكون المصيبة أهون، ولكن الله سبحانه وتعالى حين يذكر السمع يقدمه دائما على البصر.

إن هذا من إعجاز القرآن الكريم لقد فضل الله سبحانه وتعالى السمع على البصر لأنه أول ما يؤدى وظيفته في الدنيا , لأنه أداة الاستعداء في الآخرة فالأذن لا تنام أبداً، 

كما أن الله تعالى يأتي بكلمة السمع مفردة دائما وكلمة البصر مجموعة، يقول تعالى (( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون )), فما السر في ذلك....؟؟؟ 

·       إن الله تعالى بهذا التعبير الدقيق أراد أن يكشف لنا دقة القرآن الكريم , فالبصر حاسة يتحكم فيها الإنسان بإرادته فيرى ما يريد ولا يرى مالا يريد , ولكن الأذن ليس لها اختيار في أن تسمع أو لا تسمع فأنت في حجرة بها عشرة يتكلمون فأنت تسمعهم جميعا سواء أردت أو لم تريد ذلك, أنت تستطيع أن تدير بصرك عمن تريد منهم لكن سمعك فلا.....فالأبصار تتعدد, أنا أرى هذا وأنت ترى هذا وثالث يرى هذا إلى آخر تعدد الأبصار ولكن بالنسبة للسمع فنحن جميعا مادمنا جالسين بنفس المكان فكلنا نسمع نفس الصوت فتوَّحدنا في السمع..

·       إذا تأتى الأبصار مجموعة لأننا تفرقنا واختلفنا فيها فكلُ يرى ما يريد ويغرب ببصره عما لا يريد, وتوحدنا في السمع